كلمة السيدة
أسماء الأسد
عقيلة رئيس الجمهورية العربية السورية
في الاحتفال بيوم المرأة العربية
وافتتاح منتدى المرأة والتربية
صاحبات الجلالة والفخامة والسمو
السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية
أيتها السيدات ، أيها السادة
إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في يوم المرأة العربية على أرض سورية العربية ، التي أثبتت الدراسات التاريخية أن حضاراتها المتعاقبة كانت شاهداً على دور عظيم للمرأة في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية أسهمت من خلاله في انتقال القيم والآداب والفنون والحرف من جيل إلى آخر
وقد شهدت الجمهورية العربية السورية في القرن الماضي خطوات رائدة لتعزيز دور المرأة في بناء الوطن ، تسارعت مع بداية الحركة التصحيحية التي ارتبطت نهضة المرأة السورية المعاصرة بها من خلال التشريعات المختلفة التي صدرت ، سواء ما كان منها خاصاً بالمرأة أو ماكان منها عاماً ، وعادت بالفائدة على المرأة ، ولعل بناء المدارس في كل مدينة وقرية وتجمع سكاني في القطر ، كان من أهم التدابير التي أسهمت في تحقيق تلك الخطوات ، إضافة إلى إصدار قانون إلزامية التعليم وقانون منع تشغيل الأطفال ، الأمر الذي رفع إلى حد كبير نسبة الإناث والذكور الذين ينالون تعليمهم الأساسي . وها نحن نجني اليوم ثمار عقود من هذا الجهد المركز في النسب العالية لمشاركة الإناث في المدارس الثانوية والجمعات ، طالبات وأساتذة
لقد أبرز التاريخ بوضوح أن النساء في منطقتنا قمن بدور هام في المجتمع وأن المرأة العربية قامت بواجبها الوطني على مر العصور ، الأمر الذي أكد قدرتها على إدارة شؤون البلاد حيثما تطلب منها الواجب ذلك ، فكان منهن الملكات اللواتي سيرن الجيوش وحمين بلادهن ، ونشرن السلام والرخاء كزنوبيا في سورية وشجرة الدر في مصر ، وبلقيس في اليمن ، ومقاتلات مدافعات عن الإسلام كخولة بنت الأزور في الحجاز وأديبات وسياسيات ومناضلات . ولاتزال الشواهد مستمرة حتى اليوم ، فقد وقفت السيدة الفاضلة شريكة القائد الخالد حافظ الأسد إلى جانبه في أصعب مراحل نضاله الوطني ، وفي الوقت نفسه عملت ، ومازالت على دعم المرأة في المجتمع كي تحتل المواقع التي تليق بها ، وفي كل هذا أجد فيها ، شخصياً ، المثل الأعلى للمرأة العربية
كما صمدت المرأة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي ، وكانت المرأة في لبنان وخاصة في الجنوب ومازالت سنداً قوياً للمقاومة التي دحرت الاحتلال ، وكذلك تناضل المرأة في الجولان المحتل للعودة إلى الوطن الأم ، سورية ، وتكافح المرأة في العراق يومياً ضد الحصار الظالم
وقد شهد العصر الحديث انتخاب خمس نساء مسلمات لأعلى المناصب في بلادهن من ضمن عشرين امرأة تسلمن أعلى مهمة في العالم ، وفي هذا دليل واضح على أن الإسلام أعطى المرأة حقوقها ، ودفعها باتجاه تحقيق طموحاتها، مما يضيف إلى مسؤوليات المرأة المسلمة مسؤولية تصحيح الصورة المشوهة للإسلام بشكل عام وللمرأة المسلمة بشكل خاص
وإذا كانت المرأة العربية قد حققت العديد من الخطوات الهامة في الماضي والحاضر، فالطريق أمامها لا تزال طويلة، ولا شك في أن إحداث منظمة المرأة العربية والتي يكتمل احتفالنا اليوم بالتصديق عليها، سوف يجسد نقطة ارتقاءٍ جديدة لتحقيق خطوات أكثر طموحاً، لكن تحقيق أي تقدم طموح يبق صعباً دون الاهتمام بالتربية التي تركز عليها كل المجالات الأخرى
وإننا مقبلون غداً على بدء أعمال منتدى "المرأة والتربية" آخذين بالاعتبار أن التربية بمعناها الواسع هي أهم عناصر مكافحة التخلف وتحقيق التقدم
والتربية بهذا المفهوم تبدأ من البيت داخل الأسرة وتستمر من خلال المدرسة والمعهد والجامعة والمجتمع، وهي تعني اكتساب المعارف والتحلي بالأخلاق الحميدة والعناية بالبيئة وتنشئة الأجيال على حب الوطن والتفاني في أداء الواجب واتخاذ المبادرة في اتجاه الخير والرقي
إن من عناصر التربية اكتساب النظرة الإنسانية الشاملة من أجل التعامل مع شعوب العالم، في سبيل إيجاد عالم أفضل حال من العدوان والقهر. وبما أن التربية بمعناها الواسع هي الأساس للمجالات الأخرى، فالاستثمار في التربية هو استثمار في تلك المجالات، وهو في الوقت ذاته استثمار في الإنسان، يجعل من هذا الإنسان رصيداً ثابتاً لا ينصب من الأخلاق والأفكار لوطنه ومجتمعه
وبما أن المراة هي جزء أساسي من التربية في المجتمع العربي، وهي نصف المجتمع فإن مسؤوليتها تكمن في التعزيز المستمر لهذا الرصيد الوطني من خلال دورها التربوي ومن خلال دورها الطبيعي كعنصرٍ فاعلٍ في المجتمع، انطلاقاً من التسليم بان تعليم المراة وعملها هما جزء من هويتها وكيانها وواجبها الوطني وليس تلبية لحاجة اقتصادية فقط
صاحبات الجلالة والفخامة والسمو
أيتها السيدات: أيها السادة
في مداولاتنا نتبادل الآراء سعياً للوصول إلى الأفضل، وبجهودنا المشتركة نأمل أن نحقق الغاية المرجوة من لقائنا ، نهوضاً بمجتمعات بلداننا العربية، وتحفيزاً على مشاركة إيجابية من قبل المرأة والرجل في كل ما يعود بالخير والسعادة على وطننا العربي
مرة أخرى أرحب بكم في بلدكم سورية وأتمنى للمشاركين والمشاركات في أعمال المنتدى كل التوفيق