السيد رئيس المؤتمر
السادة أصحاب المعالي رؤساء الوفود
السيد مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم
أيتها السيدات ... أيها السادة ... الحضور الكريم ...
اسمحوا لي أن أعبر عن سعادتي والوفد المرافق لمشاركتنا في هذا المؤتمر على أرض عُمان الطيبة وبين أبناء شعبها العريق بماضيه؛ والفاعل في حاضره؛ والطامح لمستقبل متألق في ظل إرادة قيادة سياسية عرفت بحنكتها وحكمتها على المستوى العربي والدولي .
الحضور الكريم ...
لعُمان مكانة خاصة في عواطفي ومنظومة المعرفة لدي؛ فقد أمضيت في ربوعها وبالتحديد في الميدان التربوي عميداً لكليتي تربية فترة ثمينة من زمني الشخصي والمعرفي، وذاكرتي مفعمة بالمواقف المهنية والإنسانية التي تعلمت منها الكثير مقابل الدور المتواضع الذي قدمته بكل التزام، وعندما غادرت السلطنة للالتحاق بعملي الحالي؛ كنت أعلم أن عُمان التي تشهد تحولاً عميقاً نحو التطوير ستحقق نهضةً رفيعة المستوى في الميدان التربوي... وهذا ما لمسناه من خلال المتابعة ونتأكد منه اليوم؛ فلعُمان كل المحبة والتقدير شعباً وقيادةً وسلطاناً جليلاً .
السيدات والسادة ...
التحديات التي تواجهها النظم التربوية بعامةٍ تتشابه، ولدى النظم التربوية العربية نعتقد أنها تتجانس كما هو الحال بالنسبة للتحديات التي تواجه مجتمعاتنا وأمتنا. تحدياتٌ يأتي في مقدمها تحدي النوعية :
• نوعية المنهاج وحداثة المعرفة فيه، وتوافر إمكانية التنافس، ونوعية المدرس ونظم إعداده وطرق تدريسه .
• نوعية البيئة التعليمية ومصادر تعلمها ووسائل تعليمها ومهارات استخدام التكنولوجيا لصناعة المعرفة .
• نوعية المنتج البشري ومهاراته المطلوبة للعيش بكفاية في مجتمعٍ يربح فيه المبدعون كل شيءٍ ذا فائدةٍ ويخسر فيه الكسالى كل شيءٍ ذا معنى .
• نوعية المواطنة المفعمة بروح المبادرة والعمل على المستوى القومي مثلما هو الحال على المستوى الوطني .
• تحدي الشخصية المتمكنة من وعي قومي مناسبٍ لمواجهة المشروعات التي تستهدف الأمة وعملها ووجودها .
• والتحدي النوعي الأكبر من وجهة نظرنا هو تحدي بناء مشروع تربوي عربي نهضوي تكاملي مُؤسَسَاً على أساس القواسم المشتركة لقيم الأمة العربية وحاضناً ومفعلاً لطموحات أبنائها؛ وآخذاً التحديات المشار إليها بالحسبان، لنتحول معاً إلى صناع للمستقبل ولأدواته بدلاً من مستوردين له ولأدواته كما يقول: السيد الرئيس بشار الأسد .
السيدات والسادة ...
في الوقت الذي نشير فيه إلى التحديات أمام النظم التربوية فإننا نشير في الوقت ذاته إلى التحديات أمام مجتمعاتنا لأن التحديات أمام التربية هي تحدياتٌ أمام الأمة تحدياتٌ: لروحها ولسياستها ولاقتصادها ولتاريخها ولجغرافيتها ولحاضرها ولمستقبلها؛ بل لآخرتها. فنجاح النظام التربوي في التصدي لتحدياته هو نجاحٌ للأمة، وإخفاقه إخفاقٌ لها وضياعه بين تجاذبات مصالح نُخبه ضياعٌ لها، كما أن تأخره عن استيعاب تطورات العصر وتقاناته ووسائله معارفاً وأدواتٍ هو تأخر للأمة ...
السيدات والسادة ...
في ضوء ما ذكر وبالأخذ بالمتطلبات التربوية تابعنا في سورية كما تتابعون جميعاً تطوير العمل التربوي، وبنينا على خبرات الدول العربية وغيرها من الدول المتقدمة تعليمياً؛ متعاونين مع المنظمات العربية والإسلامية والدولية العاملة بالشأن التربوي، ومن بينها منظمتنا العربية للتربية والثقافة والعلوم؛ مجموعةً من المشروعات التربوية الإستراتيجية بهدف الارتقاء بنوعية النظام التربوي وتمكينه من الصناعة التربوية لإنتاج شخصيةٍ عربيةٍ سوريةٍ تعتز بأمتها وبدينها وبعروبتها؛ وتتبنى المنهج العلمي في تفسير الظواهر وتقبلُ الآخر الجدير بالقبول, وتُقبل على أدوات الحداثة دون عقدٍ، تؤطر الفكر النقدي الإبداعي وأسلوب تعلم حل المشكلات وتستخدم تكنولوجيا المعلومات ومنظومات التفكير الفاعلة؛ وتستند على ذلك كله وغيره من مهارات الحياة لتفعيل قدرتها على المقاومة والتمسك بحقوقها وكرامتها لأن خيار المقاومة هو الأكثر نجاعةً في إثبات الوجود، والأقل كلفةً من الخيارات الأخرى المطروحه كلها؛ فالمقاومة مثلها مثل أية قيمةٍ يمكن تعلمها وتعليمها وتجريبها وتقيميها؛ وتوريثها اجتماعياً ليس كأمانةٍ فقط للأجيال وإنما كأسلوب حياةٍ يضمن بفاعليةٍ سيرورة هذه الأجيال بكرامةٍ وعزةٍ .
والنظم التربوية هي الأقدر على تعميم هذه القيمة كسلوكٍ مفعمٍ بالمعاني والجدوى وهذا السلوك بدوره سيضمن مواجهة الكيان الصهيوني الإرهابي في فلسطين وأولئك الذين لازالوا يدافعون عن إرهاب هذا الكيان بحججٍ لم تكن قادرةً على الاستمرار لو تصدت أنظمتنا التربوية لها عن طريق تعرية هذا الكيان وتربية الناس على المعرفة الحقيقية له ولجرائمه التي تستهدف الجميع، كما تطال أزمنتهم كلها في الماضي والحاضر والمستقبل. وإبراز احتلاله للأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري المحتل والدعوة لتحريرها .
من بين أهم هذه المشروعات إعادة بناء المناهج والكتب المدرسية بناءاً جديداً يستوعب النظريات والأدبيات الأحدث في بناء المناهج المطلوبة لبناء مجتمع المعرفة إلى مستوى التنافسية معتمدين خطوات بناء المناهج من حيث بناء المعايير الوطنية ثم أدلة التأليف فالتأليف فالتجريب فالتعميم فالمتابعة؛ ونحن الآن في مرحلة تقويم عينةٍ تجريبيةٍ ممثلةٍ طبقت عليها المناهج الجديدة .
وسنبدأ العام القادم بتطبيق المناهج الجديدة التي تشمل تسعة صفوفٍ في التعليم الأساسي والثانوي بحيث يضاف العام ما بعد القادم الصفوف الثلاثة الأخرى لتُستكمل سلسلة التطوير الجديدة من رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة بما فيها التعليم التقني .
وبالتوازي مع تأليف المناهج الجديدة يتم تدريب المدرسين والمعلمين وإعادة تأهيل العديد منهم حيث أعيد إلى الجامعات لتعميق التأهيل حوالي /40/ ألفاً بين معلمٍ ومدرسٍ وعين /82/ألفاً على ملاك التربية خلال السنوات الأربع الماضية سيعدون جميعهم للتعامل مع المناهج الجديدة .
وكون البنية التعليمية وتحسينها تشكل طرفاً مهماً من ثلاثية التربية مدرس ومناهج وبيئة تعليمية؛ فقد طُرح مشروع دمج التكنولوجيا بالتعليم وتدرب حتى تاريخه حوالي ثلاثين ألفاً وهكذا حتى يتم تأهيل المراد تأهيلهم مع تأمين البيئة التحتية التقنية المناسبة .
- مشروع إنشاء فضائية تربوية خاصة تابعة لوزارة التربية هو الأخر مشروعٌ مهمٌ لزيادة فرص التعليم ونشرها على أوسع نطاقٍ وقد انطلقت على القمرين عرب سات ونايل سات وقد حازت وهي في مرحلة التجريب على جائزتين على المستوى العربي .
- مشروع المركز الوطني للمتميزين الذي يقع على مساحة / 82/ ألف مترٍ مربعٍ مزود ببنيةٍ تحتيةٍ وبشريةٍ مناسبةٍ؛ بدأ هذا العام مثلما بدأ المركز الإقليمي للطفولة المبكرة بالتعاون مع اليونسكو؛ والاهتمام برياض الأطفال والتعليم الخاص ونظام الامتحانات وتقنيات التعليم وأكاديمية الإعداد والتدريب فضلاً عن مشروعاتٍ عدةٍ تحظى باهتمام الإرادة السياسية العليا في الدولة وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد .
السيدات والسادة ...
يأتي في صميم تطوير النظام التربوي تطوير التعليم الثانوي موضوع مؤتمرنا هذا .
فالشكر الجزيل للخبراء الذين قدموا توصيات نأمل الإفادة منها .
والشكر إلى معالي الزميل وزير التربية العُماني يحيى بن سعود السليمي ولفريق وزارته و إلى معالي مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الدكتور محمد العزيز ابن عاشور وفريق عمل المنظمة على تعاونهم في بذل الجهود التي ضمنت نجاح المؤتمر ولكم سيداتي وسادتي فائق التقدير والاحترام .
الأســـتاذ الدكتــور علي ســــعد
وزيــــر التربيـــة رئيس اللجنة الوطنية السورية للتربية والثقافة والعلوم
الجمهورية العربية السورية