خبر / مقالة

كلمة الدكتور علي سعد وزير التربية في المؤتمر الإسلامي الثاني للوزراء المكلفين بالطفولة في الخرطوم

المؤتمر الإسلامي الثاني للوزراء المكلفين بالطفولة


الخرطوم 2 – 4 / شباط / 2009م

السيد رئيس المؤتمر
أصحاب المعالي رؤوساء الوفود
السيد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
أيتها السيدات – أيها السادة

يسعدني والوفد المرافق أن نمثل بلدنا سورية في المؤتمر الإسلامي الثاني للوزراء المكلفين بالطفولة؛ مع تقديرنا الكبير للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الايسيسكو" ومديرها العام الأخ الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري على ما يبذله من جهود متواصلة كان لها الأثر الملحوظ في تقدم المنظمة وتأدية رسالتها.

وفي هذه المناسبة يسرنا أن نشيد بالجهود الكبيرة التي بذلها الأخوة في السودان الشقيق والتعاون الواضح مع المنظمة في الإعداد والتنظيم النوعيين لأعمال المؤتمر وبخاصة أنه يتجه للارتقاء بواقع الطفولة ومستقبلها في الدول العربية والإسلامية متخذاً شعاره :

"نحو مستقبل أكثر إشراقاً لأطفالنا "

ونغتنمها فرصة ثمينة نحي فيها الأشقاء السودانيين رئيساً وحكومةً وشعباً على كرم الضيافة وحسن اللقاء والمواقف العربية المسؤولة تجاه قضايا الأمة العادلة وهذا ليس جديداً على هذا البلد العربي الأصيل .

• نحن ندرك وبرؤية شاملة؛ المعاني الوطنية والإنسانية والتربوية لرعاية الطفولة والاهتمام بها وبحث سبل الارتقاء بواقعها وبخاصة في وطننا العربي؛ والأثر الكبير للنهوض بواقع الطفولة تربوياً وصحياً واجتماعياً؛ على مستقبل الوطن والأمة؛ ودوره في التنمية البشرية المستدامة لأي بلد من بلداننا؛ وهذا ما نلحظه من تواصل اهتمام المجتمع الدولي بقضايا الطفل لاسيما منذ بداية الألفية الثالثة وعلى المستويات الدولية والإقليمية والوطنية في ظل مؤشرات سلبية. ذلك أن ما يعادل /93/ مليون طفل ما يزالون خارج المدرسة ولم يلتحقوا بالتعليم، وأن /150/ مليون طفل ما يزالون يعانون من سوء التغذية في الدول النامية، إضافةً إلى ما تعانيه الطفولة ومؤسساتها التربوية والتعليمية من قتل وتشويه وتخريب من جراء النزاعات المسلحة والحروب المدمرة التي تقوم بها الدول المعتدية والمتسلطة.

• في هذا السياق؛ تبرز أهمية مؤتمرنا هذا؛ الذي يهدف إلى بحث سبل النهوض بواقع الطفولة. وتحقيق مستقبلها الأفضل؛ من خلال الرؤية الشمولية لجميع العوامل والبيئات المؤثرة على واقع الطفولة في الدول الأعضاء؛ وبخاصة القضايا الصحية والتربوية والتعليمية والتغذوية والأسروية والاجتماعية والحروب والكوارث الطبيعية والبشرية .

• إننا؛ ونحن نشير إلى هذه القضايا نؤكد أهمية الترابط بينها وبين ما بحثه المؤتمر الدولي الأخير للتربية في جنيف في تشرين الثاني من العام 2008م حول "التعليم الجامع طريق المستقبل" بهدف تكامل الجهود الدولية و الإسلامية والعربية في هذا المجال؛ نظراً لأن التعليم الجامع في جوهره "عملية تتضمن تحويل المدارس ومراكز التعليم الأخرى لتقديم الرعاية لجميع الأطفال الأسوياء والمعاقين والفئات المهمشة كلها؛ في سياقات مختلفة في المدرسة وضمن العائلة والمجتمع الأوسع، وهي في خضم تعليم عالي الجودة لجميع الدارسين وحياة مفعمة لتحقيق الذات والصحة النفسية والاجتماعية". فإذا لم يحصل الأطفال على فرص تطوير إمكاناتهم خلال السنوات الحاسمة للطفولة فستكون عائلاتهم أكثر عرضة لتنزلق في ربقة الفقر والجهل، وهذا بطبيعة الحال يؤثر على مستقبل البلد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
السيدات والسادة الحضور:

• إن الطفولة في سورية تلقى اهتماماً ورعايةً مباشرة من سيادة الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد عقيلة السيد الرئيس؛ وفق رؤية منهجية شاملة تترابط فيها المجالات التشريعية وقضايا الأطفال المتعلقة بالتربية والصحة وشؤون الأسرة والشؤون الاجتماعية والعمل ومؤسسات رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. لأنها تنطلق بتنوع مساراتها من أهداف مشتركة؛ لإعداد أجيال الأمة معرفة وفكراً وقيماً وقدرةً على تلبية احتياجات التنمية المتجددة؛ ويمكن بيان عدد من المؤشرات النوعية التي تؤكد ذلك في إطار الحركة التنموية الصاعدة ، من حيث:

• تأسيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة عام 2003م لتمكين الأسرة من رعاية أطفالها والمساهمة بصورة أفضل في عملية التنمية.

• عقد المؤتمر الوطني الأول والملتقى الوطني لحماية الطفولة عام 2004م برعاية السيدة أسماء الأسد عقيلة السيد الرئيس.

• إقرار الخطة الوطنية عام 2005م لحماية الأطفال في سورية من العنف والإساءة والاستغلال من خلال تنمية المعرفة والوعي والتثقيف المتواصل ووسائل الإعلام والتأسيس القانوني لذلك.

• تطبيق برامج الرعاية الصحية المتكاملة التي مكنت من انخفاض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة في سورية وهي على المسار السليم لتحقيق الهدف الإنمائي للألفية الثالثة.
• إعداد الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية.
• إعداد مشروع استراتيجية وطنية للطفولة المبكرة بإشراف الهيئة السورية لشؤون الأسرة والتعاون مع وزارة التربية.
• إصدار التشريعات التي تمكن من فرض عقوبات مشددة بحق كل من يقوم باستغلال الأطفال واستخدام العنف والإكراه بحقهم.
• تعديل قانون الأحوال الشخصية ورفع سن زواج الفتاة إلى /18/ عاماً.
• رفع السن الذي يسمح فيه للأطفال بالعمل من / 10 / إلى / 15 / عاماً، والاهتمام بالأطفال من الفئات المهمشة بسبب أسري أو اجتماعي.
• تطبيق البرنامج الوطني للوقاية من الإيدز بدءاً من العام 2005م من خلال تقديم الخدمات التثقيفية والصحية خلال مراحل التعليم المختلفة.
• كما أن هناك مشروعات وبرامج نوعية تم تحقيقها في مجال التربية والتعليم الجيد للأطفال منها:

أولاً: العمل على رفع نسبة الأطفال المستوعبة في الرياض من 10 % إلى 40% في نهاية الخطة الخمسية العاشرة في العام 2010م.

ثانياً: تطبيق مشروع التوسع برياض الأطفال التابعة لوزارة التربية بشروط جيدة، والذي بدأ العمل به منذ عامين حيث ارتفعت نسبة الزيادة في الرياض مقارنة مع العام 2000م بمعدل 33% تمهيداً لإدخال رياض الأطفال في السلم التعليمي مستقبلا.

ثالثاً: إنشاء مركز وطني للتأهيل والتدريب في مجال رعاية الطفولة المبكرة، وقد تم توقيع مذكرة مبادئ مع السيد المدير العام لليونسكو لتحويله إلى مركز إقليمي في هذا المجال؛ وقد قامت الوزارة باستكمال بناء هذا المركز وتجهيزه.

رابعاً: تطوير مناهج وأدلة المربيات في رياض الأطفال ووضع المعايير الخاصة لتحسين البيئة التربوية فيها.

خامساً: مد الإلزام إلى تسع سنوات بدلاً من ست سنوات اعتباراً من العام 2003 – 2004م.

• إن توفر الإرادة السياسية العليا لرعاية الطفولة في سورية مكنت أيضاً من التوسع ببرامج رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن مشروع الدمج التعليمي في وزارة التربية والتعاون لتحقيق ذلك مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومع المؤسسات الاجتماعية التي أنشئت خصيصاً لهذا الغرض.

• وهناك خطوات أخرى مفصلة حققتها الحكومة السورية في هذا المجال؛ وهي تشمل أيضاً ما تم تحقيقه من توصيات المؤتمر الإسلامي الأول للوزراء المكلفين بالطفولة تضمنها التقرير الوطني المعد إلى مؤتمرنا الكريم.

• إن تنفيذ هذه البرامج والمشاريع الصحية والاجتماعية والتربوية المتعلقة برعاية الطفولة يتم من خلال خطط واستراتيجيات متكاملة وتنسيق شامل بين الوزارات والجهات المعنية كافة.

السيدات والسادة؛ أيها الحضور الكريم:

• إن مؤتمرنا هذا مؤتمر المستقبل الأفضل والأكثر إشراقاً لأطفالنا لكنه ينعقد في ظروف معقدة واستثنائية يمر بها العالم لاسيما الدول العربية والإسلامية، فأطفالنا في فلسطين وعلى وجه التحديد في غزة؛ تعرضوا ويتعرضون كما نعلم جميعاً إلى أشد ما عانته الإنسانية عبر عصورها من قتل وحرق وسفك للدماء ؛ لهم ولأسرهم؛ وتخريب وتدمير إجرامي وأعمى للبيوت والمدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة؛ على أيدي مجرمي الكيان الإرهابي الصهيوني.

• فعن أي مستقبل يمكن أن نبحث لأطفال أفقدتهم الهمجية المتوحشة كل شيء في حياتهم، من حق الأحياء منهم على مؤتمرنا أن يعتمد آليات دعم فاعلة تمكنهم من متابعة حياتهم ودراستهم.
• ومن حق الذين استشهدوا منهم أن نربي أطفالنا على ذكراهم وصور استشهادهم لتتعمق ثقافة المقاومة وتُزكى شعلة حب الاستشهاد في نفوسهم ليستمر الوطن كريماً شامخاً والمستقبل حصيناً ومنيعاً؛ لأن المقاومة أساس بقائنا واستمرارنا؛ كما يقول السيد الرئيس بشار الأسد.

• لقد وصّف سيادته في قمة غزة الطارئة في الدوحة الحالة الراهنة مع الكيان الإرهابي الصهيوني والمطلوب منا مستقبلاً حيالها بقوله:

" – لا تهاون ولا تساهل لا تنازل ولا تخاذل فسلام الأقوياء لا يُعطى للضعفاء وسلام الشجعان لا يمنح للجبناء والسلام الذي لا يعطى ينتزع...

- السلام بدون مقاومة مع عدو غاشم سيؤدي حتماً إلى الاستسلام...
- يجب اتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبة إسرائيل على الرغم من عدم ثقتنا بعدالة الجهات الدولية المعنية؛ ولكن كي يسجل التاريخ بأنهم ليسوا عنصريين فقط بل هم الشكل الأخطر من النازية في العصر الحديث....
- سنعدهم ( سنعد الصهاينة ) بأننا سنبقى نتذكر والأهم من ذلك هو أننا سنحرص على أن يتذكر أبناؤنا أيضاً؛ سنخبئ لهم صور أطفال غزة وجروحهم المفتوحة ودماءهم النازفة فوق ألعابهم...
- سنشرح لهم بأن من يفقد ذاكرة الماضي سيفقد المستقبل وسنعلق على جدران غرفهم لوحة نكتب عليها شعاراً لكل طفل عربي قادم إلى الحياة يقول له لا تنس ليكبر الطفل ويقول لهم لن أنسى ولن أغفر..."

• لقد رأينا في تحليل سيادة الرئيس بشار الأسد دليل عمل واضح لنا لتمثل هذه الفلسفة ونقلها لأطفالنا وشبابنا من خلال المناهج التربوية والكتب المدرسية لمختلف مراحل التعليم؛ من أجل بناء ثقافة المقاومة وبناء الاتجاهات الإيجابية نحو التمسك بالحقوق والكرامة.

• ولهذا عقدنا اجتماعاً لجميع المشرفين والمنسقين واللجان المختصة الذين يقومون بتطوير المناهج وتأليف الكتب الجديدة حالياً؛ واعتمدت المداخل والأساليب الملائمة لإدخال هذه الأفكار والرؤى الاستراتيجية في المناهج والكتب الجديدة لتتجسد في ذاكرة أجيالنا بناة مستقبل الأمة معرفة وفكراً وقيماً وسلوكاً يدركون من خلالها أن الكيان الصهيوني هو كيان إرهابي؛ ويتأكد العالم أن ما يقوم به هذا الكيان من جرائم حرب لن ينتج له سوى أجيال عربية قادمة أشد عداءً لإسرائيل؛ مناعتها تتطور وإرادتها تتصلب بوتيرة أسرع وبشدة أكثر فتكاً من تطور وقوة ترسانته العسكرية.

• إننا نأمل من هذا المؤتمر الكريم أن يوصي باتخاذ إجراءات مماثلة بالطرق التي يراها ممثلوه وبلدانهم لتعميق هذا الفهم المشترك لطبيعة هذا الكيان الإرهابي لدى ناشئتنا العربية والإسلامية في سبيل خلق فلسفة متجانسة تقربنا أكثر وتوحد جهودنا في مواجهة التحديات ا لمشتركة؛
و لقد رأينا في سورية أن: عبارة لن ننسى ولن نغفر وعبارة الكيان الإرهابي، بدلاً من إسرائيل فيما لو ضمها الكثير من مناهجنا ستشكل وعياً تجاه هذا الكيان لا يقدر من حيث دعمه للمقاومين على الأرض.

أيها الحضور الكريم:

• إننا في سورية نحرص وبإرادة سياسية أقوى على استمرار الارتقاء بواقع الطفولة في بلدنا؛ ونقدر أهمية الموضوعات والقضايا التي سيناقشها المؤتمر والتي تضمنتها وثيقة العمل المرجعية والدراسات المرافقة لها؛ لا سيما المواضيع المتعلقة بواقع الأطفال في العالم الإسلامي وتحسين الوضع الصحي والتعليم الجيد ونسب الالتحاق بالتعليم الأساسي والثانوي وحماية الأطفال وبخاصة أثناء الحروب والنزاعات المسلحة ومكافحة عمالة الأطفال ومحاربة الاتجار بهم والبيانات الإحصائية المقارنة ونسب ما تم تنفيذه لدى الدول الأعضاء من أهداف الألفية الإنمائية؛ مما يؤكد عمق هذه الدراسات وشموليتها؛ وسيكون للنتائج والقرارات التي سيتخذها مؤتمرنا الكريم موقع الاهتمام والتقدير والمتابعة ضمن خططنا في رعاية الطفولة ومستقبلها ومن خلال التنسيق مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي نعتز بالتعاون المثمر معها لاستثمار الزمن الأجدى والإعداد النوعي الأفضل لمستقبل أكثر إشراقاً لأطفالنا وأمتنا.

وشكراً لكم جميعاً